السبت، 16 مايو 2020

شهر الصيام


في بلدي، الروتين الرمضاني يختلف تماماً عن بقية أشهر السنه فكيف به خارج الحدود؟

بطبعي، لا أحب أحضان ودموع الوداع.
تلك اللحظة التي لم أعرف لها معنى وأنا أودع والدَي.

اللحظة التي أمتزجت فيها;
مشاعر الخوف من الوحدة والفراق.
مشاعر الترقب لما سيواجهنا في الغُربه.
مشاعر الفرح بالسفر والبدء بمغامرة جديدة.
مشاعر المسؤولية تجاه شقيقي أولاً ودراستي ثانياً.
مشاعر ملخبطة جداً.

في أواخر شهر رمضان الموافق الرابع من شهر يونيو من العام 2018، هبطت الطائره في مطار بوسطن العالمي.
كانت هي تلك المرة الأولى التي أسافر فيها برفقة شقيقي الذي يصغرني بثمانية أعوام.

أفترقنا في المطار واتجهه كل منا حيث سكنه المدرسي في تلك المدينة التي لم نزرها من قبل ولا نعرف عنها إلا في صفحات الإنترنت.
كنت أستيقظ كل يوم قبل بدء اليوم الدراسي بما يقارب ساعتان لأُصلي قبل شروق الشمس وقبل غروبها راجيةً المولى أن يحفظني وشقيقي ويهون علينا سفرنا في شهر الصيام ثم أستعد للإنطلاق لبدء يومي الدراسي، أُهاتف شقيقي لأطمئن عليه  وتأكيد موعد لقاؤنا في قطار الانفاق البرتقالي اللون.
أحمل كتب المدرسة على ظهري وجهازي المحمول في يدي وأهرول متجهه إلى أقرب محطة قطار. كانت رحلة القطار تستغرق 45 دقيقة يومياً ذهاباً وإياباً ، فهي أشبهه ماتكون برحلة تأمل عميقة لتفسير نمط الحياة هنا وفي بلدي. أما عن ساعات العمل ، فكانت ثقيلة جداً بكل مافيها من أنشطة وواجبات أشبهه ماتكون كساعات الانتظار لمريض يأن على فراش أبيض ينتظر أن يحين موعد الدواء.

أتنفس الصعداء حين تدق الساعة الخامسة معلنة إنتهاء اليوم الدراسي وبداية رحلة روحانية.
في طريق العوده، أقف في إحدى المحطات مُتجهه إلى "المسجد الأسلامي" وإذا بأشخاص من مختلف الجنسيات يجتمعون على مائدة الأفطار وياله من شعور الحنين للوطن يرفرف بداخلي. ما أن أروي ظمأ اليوم بماء أحملة في حقيبة ظهري بعد سماعي للأذان إلا وألملم حقيبتي وجسدي الذي عانا صراع النوم والأكل والحياة ككل متجهه إلى آخر محطه حيث السكن المدرسي.

كانت  تجربة رمضان خارج الحدود جيدة،  رغم انها لم تكن  بروحانيتها  كما هي في بلدي حيث طغت فيها مشاعر اجتهاد وعمل في الصباح الباكر والقليل من روحانية المساء التي تعقبها الكثير من الواجبات والأنشطة المدرسية.  وما أن ينتصف الليل إلا وأنا طريحه الفراش بين كُتبٍ واوراق متناثره من حولي.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق